تطور ثوب التخرج: إرثٌ متجذرٌ في تقاليد الثوب الإسلامي

.
.
يقول جاك غودي في كتابه "الإسلام في أوروبا" إن "اللباس العربي (الثوب) ظلّ أنقى وأوضح علامة على النزاهة الدراسية حتى يومنا هذا، وخاصةً خلال المناسبات الدراسية كالمناظرات وحفلات التخرج". ولذلك، نرتدي اليوم عند تخرجنا من الجامعة أثوابًا تُعرف باسم "السوبفوسك" (العباءة)، وهي تشبه إلى حد كبير الثوب. وبينما يستعد الطلاب لحفلات تخرجهم، مرتدين قبعات التخرج، من المثير للاهتمام استكشاف التاريخ العريق لهذا الزي الأكاديمي، الذي تعود أصوله إلى الثقافة الإسلامية والعصر الذهبي للإسلام. ويعود تاريخ ثوب التخرج التقليدي وقبعته إلى العصر الذهبي الإسلامي والثقافة العربية، وهو تاريخ يجهله الكثيرون.

تأسيس الجامعة الأولى

في عام ٨٥٩، أسست فاطمة الفهري، وهي امرأة مسلمة، أقدم جامعة في العالم، وهي جامعة القرويين، في مدينة فاس بالمغرب. ركزت جامعة القرويين في البداية على الدراسات الإسلامية، لكنها وسّعت مناهجها الدراسية لتشمل الرياضيات والطب والفلك والجغرافيا والفلسفة والنحو، وكانت مجانية. ومن جامعة القرويين، التي استقطبت طلابًا من أوروبا وخارجها، انطلقت فكرة ثوب التخرج.

التوسع إلى جامعات أخرى

أول جامعة مُعترف بها في أوروبا هي جامعة بولونيا، التي تأسست عام ١٠٨٨ في إيطاليا. ورغم أن العلماء والجامعات الإسلامية كان لهم تأثيرٌ كبير على التعليم الأوروبي خلال العصور الوسطى، إلا أن جامعة بولونيا لم تُؤسس على يد المسلمين. بل اعتمدت هذه الجامعات تقليد زيّ التخرج المُستوحى من الثقافة العربية.

امتد العصر الذهبي الإسلامي من منتصف القرن السابع إلى منتصف القرن الثالث عشر، وكان فترة ازدهار فكري وثقافي هائل. مهدت إسهامات العلماء المسلمين في مختلف المجالات الطريق لكثير من المعرفة المعاصرة في الرياضيات والطب وغيرهما. خلال هذه الحقبة، أُنشئت العديد من الجامعات، مؤكدةً على قيمة التعليم. وشملت احتفالات تخرج طلاب الطب ارتداء أثواب تُشبه الثياب، وهو تقليد يُشير إلى إنجازاتهم الأكاديمية.

تطور ثوب التخرج وإرث الثوب

ارتدى الطلاب الغربيون المتخرجون من الجامعات الإسلامية أثوابًا تشبه الثوب، رمزًا لنجاحهم العلمي. تطور هذا الزي، المستمد من الزي العربي التقليدي، إلى أثواب التخرج التي نعرفها اليوم. وقد أُحسن الثوب، وهو زي عربي قديم، خلال العصر الذهبي الإسلامي، فأصبح بياقات عالية ومواد عالية الجودة توفر الحماية من الشمس. ارتدى العلماء والطلاب هذا الزي، مما أتاح لهم الدراسة في الهواء الطلق براحة. ورغم أن أثواب التخرج اليوم لا تشبه الثوب، إلا أنها تحتفظ بجوهرها، عاكسةً تقليدًا عريقًا. ولا يزال هذا التقليد قائمًا في أشكال مختلفة من الملابس الإسلامية المحتشمة، مثل تلك التي تقدمها علامات تجارية مثل "عين السنة" التي تحتفي بهذا التراث الثقافي.

الزي الأكاديمي في العصور الوسطى

على مر القرون، خضع تصميم رداء التخرج لتعديلات متنوعة. في البداية، كان يُرفق معه عباءة، ولكن بحلول القرن السادس عشر، اعتمدت جامعات مثل كامبريدج وأكسفورد رداء التخرج وحده. ثم أُدخلت القلنسوات والعباءات لاحقًا، ولا يزال "ليريبيب"، وهو قلنسوة مسطحة، مستخدمًا حتى اليوم. وغالبًا ما تشير ألوان هذه القلنسوات إلى مجالات دراسية مختلفة.

القبعة والشرابة

لقبعة التخرج وشرابتها أهمية تاريخية أيضًا. يُعتقد أن القبعة المسطحة ترمز إلى القرآن الكريم، مُجسّدةً أهميته فوق العقل البشري. تشبه الشرابة علامةً مرجعيةً في القرآن الكريم، تُحدّد مكانة الطلاب في دراستهم.

ويؤكد هذا التأثير التاريخي على التأثير العميق للعالم الإسلامي على التقاليد الأكاديمية الغربية وملابس التخرج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقا

لن يُنشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُشار إليها بـ *.

يرجى ملاحظة أنه يجب الموافقة على التعليقات قبل نشرها